اسواق التحف والانتيكات وسر الازدهار مؤخراً



مع بدء اختفاء معظم الانتيكات القديمة والأصلية من السوق والمزادات بدأت تنتعش سوق التحف الجديدة وتشتهر العديد من البلدان بتصنيع التحف والتماثيل الجديدة مثل ايطاليا وبانكوك والصين‏,‏ كما دخلت مصر أيضا هذا المجال وبدأت في صناعة فازات وتماثيل وساعات وغيرها من التحف الجديدة‏.‏

حول هذه السوق الجديدة أجرت مي حسن هذا التحقيق

يقول مجدي إيتي صاحب معرض للتحف والنجف إن صناعة التحف في مصر تحتاج الي تنظيم وتطوير والي اهتمام المسئولين بها والاستعانة بخريجي الفنون الجميلة في تطوير هذه الصناعة‏.‏

ويضيف ان من أهم الأشياء المستخدمة في صناعة التحف هو النحاس الخردة‏(‏ كسر النحاس‏)‏ ولكن معظم تجار النحاس يفضلون تصديره الي الخارج بسعر مرتفع مما يجبر صانعي التحف علي شراء النحاس باسعار أغلي للحصول عليه‏,‏ كما ان نقص التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال في مصر لا يتيح معالجة خردة النحاس معالجة جيدة‏,‏ وبالتالي تجعل الشكل النهائي للتحفة أقل جودة من التحف المصنعة في الخارج‏.‏

كما أن هناك صناعة فازات في مصر خاصة تقليد الفازات القديمة ولكنها تواجه عدة مشكلات تقلل من قيمة الفازات المصرية
 أهمها أن الورشة أو المصنع يقوم بصنع أعداد كبيرة من نفس الشكل واللون وتوزع علي العديد من المحلات‏,‏ فقد تجد فازة مصرية في محل التحف وتجد أخري مماثلة لها ومن نفس المصنع أو الورشة في محلات السوبر ماركت الكبيرة مما يقلل من قيمتها خاصة أنها لا تستطيع منافسة الفازات المستوردة بسبب ارتفاع تكلفتها وقلة جودتها‏

أما في الخارج فلا يصنعون إلا اعدادا قليلة من الفازات المتشابهة ويتم توزيعها في أماكن مختلفة وبعيدة عن بعضها بحيث يشعر الزبون ان هذه الفازة فريدة وليس لها مثيل وبالتالي تفقد الفازة المصرية قيمتها بجانب الفازات المستوردة التي تتسم بانفرادها في الشكل واللون والرسومات وانخفاض السعر نتيجة لاعتمادهم في الخارج علي التكنولوجيا الحديثة في تصنيعها‏.‏

كما بدأت تزدهر في مصر أيضا صناعة التماثيل من البرونز الخالص والتي تباع أغلي من التماثيل المستوردة باضعاف ثمنها حيث يصل سعر التمثالين المصريين الي‏60‏ ألف جنيه بينما لا يتعدي سعر التمثالين المستوردين‏15‏ ألف جنيه نظرا الي ان التمثال المصري يحتاج الكثير من الوقت والجهد في التصنيع لانه من البرونز الخالص علي عكس التمثال المصنوع في الخارج والذي يصنع من خامات عديدة حيث يصنع من الداخل من الجبس والأسمنت ثم يغطي بطبقة من الشمع ثم يغطي من الخارج من البرونز

ولا يستطيع الفرد العادي معرفة ما إذا كان التمثال من البرونز الخالص أم لا لذلك يشتري التمثال المستورد لأن التكنولوجيا الحديثة تدخل في تصنيعه مما يعطيه جودة عالية في الشكل النهائي علي عكس التمثال المصري الذي مازال يفتقد مكونات التكنولوجيا الحديثة والمتطورة مما يفقده جزءا كبيرا من الجودة في التشطيبات النهائية مما دفع بعض صانعي التماثيل في مصر الي دهانها بمواد معينة تجعلها تشبه التماثيل القديمة وتباع علي هذا الأساس بأسعار مرتفعة‏.‏

الفرق بين التحف والانتيكات

قديما كان هناك اقبال كبير علي سوق الانتيكات خاصة الطبقة الارستقراطية حيث كانت شغوفة بالانتيكات القديمة التي ترتبط بعصر قديم وأحداث تاريخية حيث كانت هذه الانتيكات ومازالت تمثل ثروة حقيقية لمن يمتلكها وتزداد قيمتها يوما بعد يوم‏.‏

ومع اختفاء الطبقة الارستقراطية بدأت تندثر سوق الانتيكات نتيجة لقلة الانتيكات المتداولة في السوق والمزادات بسبب احتفاظ قاطنيها بها مما يرفع قيمتها أكثر‏.‏ وكثير من الناس يخلطون بين التحف والانتيكات مما يجعلهم عرضة لشراء تحف جديدة بأسعار كبيرة علي أنها انتيكات قديمة ذو قيمة عالية‏.‏

يقول شريف جلال خبير مثمن في إحدي قاعات المزادات أن الصفوة من الناس هم الشغوفون باقتناء الانتيكات القديمة وخبرتهم في مجال الانتيكات تجعلهم يميزون الانتيكات القديمة الاصلية عن التقليد أكثر من تاجر الانتيكات نفسه ومن الصعب خداعهم‏.‏

ويقول إن قيمة الانتيكات تتحدد حسب مكان صناعتها والسنة التي صنعت فيها وهوية الاشخاص الذين صنعوها والذين صنعت لهم ومن الذي كان يمتلكها‏.‏

أما التحف الجديدة وتقليد الانتيكات فتكون مسعرة حسب تكلفتها فإذا كان القديم الأصلي بـ‏2000‏ جنيه فإن تقليده بـ‏200‏ جنيه‏.‏

ويقول خالد نبيلة صاحب محل انتيكات قديمة وتقليد الانتيكات انه يحصل علي معظم الانتيكات القديمة الأصلية من أصحاب البيوت والقصور القديمة الذين ينتمون الي الأسر العريقة والتي لها تاريخ‏.‏

وتشير نبيلة الي ان دخول التكنولوجيا الحديثة في صناعة التحف فتحت مجالا جديدا للغش‏,‏ لأنه أصبح من السهل صنع تحف مماثلة للانتيكات القديمة وبيعها بأسعار مرتفعة علي انها من عصر قديم ولها تاريخ‏.‏

تقليد الانتيكات

ويعتبر شارع هدي شعراوي بوسط البلد من أشهر الشوارع التي تضم العديد من محلات الانتيكات‏,‏ ويربط معظم اصحاب هذه المحلات صلة القرابة والنسب‏,‏ ونظرا لقلة عدد الانتيكات الموجودة في السوق اتجهت هذه المحلات لبيع تقليد الانتيكات بجانب الانتيكات القديمة الأصلية ومنهم من ترك بيع الانتيكات الاصلية‏,‏ ويعمل في بيع تقليدها فقط‏,‏ مما فتح لها سوقا جديدة واصبح لها زبائنها الذين يقبلون علي شرائها‏.‏

فيقول علي زينهم صاحب محل للانتيكات القديمة وتقليدها إن وجود المحل في شارع هدي شعراوي وسط الشقق والقصور القديمة اتاح له الفرصة للحصول علي مقتنيات هذه الشقق والقصور التي كان يسكنها الانجليز قبل الثورة وباعوا مقتنياتهم قبل عودتهم لبلادهم مما ساعده في الحصول علي العديد من أغراضهم التي أصبحت ذات قيمة عالية فيما بعد‏.‏

فالأشياء التي باعها الانجليز بعشرة جنيهات وقتها أصبحت تقدر بما لا يقل عن مائة ألف جنيه الآن‏.‏ ويشير علي زينهم الي ان الانتيكات الفرنسية القديمة من أغلي الانتيكات واشهرها حيث تتسم بالشغل اليدوي الدقيق‏.‏ ويضيف ان سوق الانتيكات لا تقتصر علي المصريين فقط وانما يقبل الكثير من الاجانب والعرب علي شراء الانتيكات القديمة من هذا الشارع‏.‏

ويقول محمود بركات صاحب محل لبيع تقليد الانتيكات ان الجمهور الذي يقبل علي شراء تقليد الانتيكات يعرف جيدا ان ما يشتريه هو تقليد القديم وليس الأصل‏,‏ ويضيف انه يعمل في تقليد الانتيكات لأن الطبقة الارستقراطية فقط هي التي كانت تقبل علي شراء الانتيكات القديمة التي لها قيمة أما الآن فالاجيال الجديدة لا تستطيع أن تفرق بين القديم والجديد ولا تهتم بالقديم ولا تقبل إلا علي شراء تحف سعرها مناسب لوضعها كديكور في منزله‏,‏ ويشير الي ان التحف الجديدة وتقليد الانتيكات لا تمثل قيمة كبيرة عندما تباع بعد ذلك‏,‏ حيث تقل قيمتها كلما مر عليها الزمن وبيعت من شخص لآخر‏.